فى هذا الوجود الرائع الذى يحيط بنا ، ويمضى وفق قوانين وسنن ثابتة وفى نسيج الطبيعة الخلابة التى نحن جزء منها ظاهرة كونية وإنسانية تسرى فى جنباتها ، هى ظاهرة الصوم، فإن كانت الكتب التى نعتبرها مقدسة موحاة من السماء ، تتفق أياتها بالفكر الإلهى الخلاق ، فإن الطبيعة وهى الكتاب المقدس المفتوح لكل البشر ، أيات نراها ونلمسها ونسمعها كأنها شرع يدفع العقل بين الحين والحين إلى التأمل وإلى الإيمان والثقة ، والصوم من قوانينها ، فالكائنات المخلوقة العاقلة وغير العاقلة تصوم فى أزمنة محددة معلومة ، النبات يصوم والطير يصوم والحيوان يصوم بغريزة زرعت فى خلاياه ، أما الإنسان ، الكائن الأسمى بين المخلوقات ، حلقة الصلة بين الأبدى المطلق والزمنى المحدود ، صوره لخالقه فى عقله وحريته وإرادته ، هذا الإنسان أمر بالصوم فى الأديان كافة الإبراهيمية الثلاثة وغير الإبراهيمية ، واختلطت دوما صلاة أى إنسان فى كل زمان بصوم كتيار روحى يربطه بالقدرة الإلهية.