في عالمنا هذا يتحتم على الشعوب المختلفة ثقافيا ودينياً العيش معاً وعن قرب، ويعتمد تقدم هذه الشعوب على طريق التطور على العمل معاً وليس العمل ضد بعضهم البعض، ويؤكد هذا على الحاجة لتعليم التقارب الديني والثقافي. توضح النزاعات الأخيرة بين فئات الشعوب في العديد من الدول في الشرق والغرب، والتي يمكن ملاحظتها في تقاليدها الثقافية والدينية، أن هناك حاجة ماسة لتعليم الشباب أن يتلاقوا ويتفاهموا. ويجب التغلب على التحامل والقولبة والدفاعية من أجل خلق تفاهم متبادل على نحو أفضل.
تلعب المدارس دوراً هاماً إلى جانب الأسر والأبرشيات، وتعتبر الكتب المدرسية الوسيلة الرئيسة لتعزيز المعرفة والأفكار الحقيقية النافعة. وعلى الجانب الأخر، قد تؤدي المعلومات غير الصحيحة وغير الوافية والمتحيزة إلى تثبيت أفكار غير صحية في عقول الشباب، وإضافة إلى ذلك، تشير الكتب المدرسية بكل وضوح إلى مستوى العمل العلمي الذي يتعلق بالمدارس والموضوعات التربوية التي تناقش في دولة ما.
كان المشروع الذي حمل اسم "تصوير الإسلام في الكتب المدرسية الألمانية" خطوة هامة للغاية نظرا للتحفظ والتحامل والعداء الموجودين بين المسيحية والإسلام. تمت في هذا المشروع مناقشة تصوير الإسلام في الكتب المدرسية الألمانية تحت إشراف عالم مسلم ’الأستاذ الدكتور عبد الجواد فلاتوري‘ Abd El-Javad Falaturi، وله أكاديمية علمية إسلامية في ’كولون‘، وكذلك تحت إشراف متخصص في الدراسات الدينية المسيحية ’الأستاذ الدكتور أودو تروسكا‘ Udo Tworuschka.
وقد نُشر هذا المشروع في كافة الدول الأوروبية، والمعايير الأساسية لهذا المشروع هي معرفة ما إذا كان تناول وتصوير الإسلام يتم بالشكل الملائم أم لا. أوضح تحليل الكتب المدرسية الألمانية أنه على الرغم من توفر النوايا الحسنة إلا أن الكتب احتوت تحريفات وتفسيرات من جانب واحد. تم تحليل هذه النتائج بدقة، وساعدت مشاركة هذين العالمين في تقديم مقترحات لتحسين هذه الكتب وبالفعل بدأ تنفيذ هذه المقترحات عملياً في معظم الكتب المدرسية الألمانية الحديثة.
و منذ الاطلاع على هذا المشروع الكبير الناجح، كثيراً ما طرحت أسئلة عن موعد بدء تحليل كيفية تصوير الديانة المسيحية في الكتب المدرسية بالدول الإسلامية. ومنذ عام 1999 يتم إجراء هذا التحليل من خلال مقر التربية الدينية (البروتستانت) بجامعة ’إيرلانجن نورمبرج‘Erlangen-Nuremberg تحت إشراف الأستاذ الدكتور ’جوهانز لنمان‘Johannes Laehnemann.
هذا المشروع الرائد الذي حمل عنوان " تصوير المسيحية في الكتب المدرسية بالدول الإسلامية " الذي قامت بتمويله جمعية البحث الألمانية DFG والمؤتمر العالمي للدين والسلام، طبق إلى حد كبير نفس طريقة مشروع "تصوير الإسلام في الكتب المدرسية الألمانية".
في مصر، دامت سياسة تعليم التربية الإسلامية والعلوم الإسلامية في جامعة الأزهر بالقاهرة لسنوات طويلة، وهي لها تأثير كبيرا على المجتمع وعلى السياسة التربوية القومية، كما يتمتع الأزهر بتأثير واسع على ثقافة وسياسة الشرق الأوسط. وفي مصر أيضا، استقرت كنيسة قبطية مستقلة كبيرة ومحافظة على توازنها، وإلى جانبها كنائس أخرى مسيحية مثل الكنائس الإنجيلية القبطية والكنائس القبطية الكاثوليكية.