فى الأيام القليلة الماضية وبعد الأحداث المؤسفة التى جرت أمام مبنى رئاسة الوزراء ومجلس الشعب وحرق مجمع التاريخ العلمى لمصر، اتصل العديد من الإعلاميين وتكرر السؤال عن مخاوف المسيحيين، وهل يفكرون جديا فى هجرة البلاد، ومنهم من سأل عن موقف الانجيليين واستعدادهم لترك مصر والتوجه الى الولايات المتحدة.
ومع أنى أجبت محدثى عبر الهاتف الا اننى أود ان أوجه حديثى الى كل المصريين فى مختلف المواقع بما قلته حتى لا يحور الحديث وليعلم الكافة، ما هو موقعنا، فأولا نحن مصريون حتى النخاع، والانتماء الدينى أو الطائفى لن يغير من انتمائنا الى بلدنا الذى دافع عنه اخوتى وأولادي، فلم يتخلف منهم أحد عن خدمة الوطن حتى فى أشد الأوقات خطرا وفى قلب الحروب من حرب اليمن والحروب الإسرائيلية كلها، خاضها أبناؤنا واخوتنا بكل أمانة وتضحية.
ان مصر وطن يعيش فينا منذ ان ولدنا عليه، فعلى ترابه نشأنا وتحت ترابه نموت وكل مصرى شريك فى هذا الوطن لا منحة من أحد ولافضل لأحد على أحد، سلامة مصر هى سلامة لكل شعبها والخطر الذى يهددها يهددنا جميعا، مصر هى السفينة الكبيرة التى يعيش عليها أكثر من خمسة وثمانين مليون مواطن وما لم يسع كل مواطن على أداء الدور الايجابى للحفاظ على سلامة السفينة وصيانتها حتى لايصيبها عطب أو عطل أو ثقب وإلا غرقت السفينة بكل من عليها وليس بين الخمسة والثمانين مليون مواطن من هو أقل استحقاقا من غيره بدعوى الثراء أو الجاه أو الانتماء الدينى أو الثقافي، فالسفينة سفينتنا، والربان سواء كان فردا أو جماعة ما هم الا شركاء الوطن وقبلوا حمل المسئولية نيابة عن شركائهم المواطنين، فان اجادوا قيادة السفينة وحققوا الهدف من الرحلة ووصلوا بنا الى شاطئ الأمان فلهم منا كل التقدير والاحترام، أما اذا اخفقوا فى قيادة السفينة وتحقيق هدف الجماعة فلهم منا الشكر ونسألهم الاستعفاء وترك القيادة لغيرهم. أما الإيحاء لفريق من المواطنين ان بامكانهم مغادرة الوطن والبحث عن بلد أكثر أمانا وأوفر رخاء فهذه الدعوة مرفوضة، ولاتصدر الا من نفوس مريضة نسأل لها الشفاء.
أما أولئك الذين يسعون لفرصة عمل أو طلب علم فلهم مايسعون اليه، وفى ذلك يتساوى الكل فى هذه الفرص لافرق بين مسلم ومسيحي، ومن يتابع نسب المسافرين عن طريق مصلحة الجوازات فسوف يجد أن اعداد الراغبين فى السفر بدعوى العمل أو حتى الهجرة، فالنسب بين أعدادهم وجملة الشعب المصرى سوف يجد أنها متساوية تقريبا لافرق فى ذلك بين اتباع دين أو اتباع دين آخر.
اننى انصح أولئك الذين يلحون فى السؤال فى النصيحة أن يريحوا أنفسهم من عناء السؤال ويطمئنوا على الولاء والانتماء لأبناء مصر، ومعا نتعاون باخلاص وهمة ونشاط حتى تصل السفينة الى شاطئ الأمان، وكفانا ما ضاع من أيام، فأبناؤنا أولى بالرعاية ومصرنا هى لنا أجمعين، أعان الله كل مخلص أمين.

النص الاصلى باللغه العربية